فَجَدِيرٌ بِالطَّالِبِ أَنۡ يعنى بِجَمِيعِ الطُّرُقِ الۡمُوَصِّلَةِ إِلَى الۡعِلۡمِ وَأَنۡ يَحۡرِصَ عَلَيۡهَا قَاصِدًا وَجۡهَ رَبِّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- يُرِيدُ اللهَ وَالدَّارَ الآخِرَةِ يُرِيدُ أَنۡ يَتَفَقَّهَ فِي دِينِهِ وَأَنۡ يَتَبَصَّرَ بِهِ يُرِيدُ أَنۡ يَعۡرِفَ مَا أَوۡجَبَ اللهُ عَلَيۡهِ وَمَا حَرَّمَ عَلَيۡهِ يُرِيدُ أَنۡ يَعۡرِفَ رَبَّهُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَبَيِّنَةٍ ثُمَّ يَعۡمَلُ بِذٰلِكَ، يُرِيدُ أَنۡ يُنۡقِذَ النَّاسَ وَيَكُونَ مِنۡ دُعَاةِ الۡهُدَى وَأَنۡصَارِ الۡحَقِّ وَمُرۡشِدًا إِلَى اللهِ عَلَى عِلۡمٍ وَهُدًى، فَهُوَ حَيۡثُمَا تَصَرَّفَ عَلَى خَيۡرٍ عَظِيمٍ بِهٰذِهِ النِّيَّةِ الصَّالِحَةِ حَتَّى نَوۡمَهُ مِنۡ طُرُقِ الۡجَنَّةِ إِذَا نَامَ لِيَتَقَوَّى عَلَى طَلَبِ الۡعِلۡمِ وَأَدَاءِ الدَّرۡسِ كَمَا يَنۡبَغِي أَوۡ لِيَتَقَوَّى عَلَى حِفۡظِ كِتَابٍ فِي الۡعِلۡمِ أَوۡ لِيَتَقَوَّى عَلَى السَّفَرِ فِي طَلَبِ الۡعِلۡمِ، فَنَوۡمُهُ عِبَادَةٌ وَتَصَرُّفَاتُهُ الأُخۡرَى بِهٰذِهِ النِّيَّةِ عِبَادَةٌ، بِخِلاَفِ مَنۡ سَاءَتۡ نِيَّتُهُ فَهُوَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ، جَاءَ فِي الۡحَدِيثِ عَنۡهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (مَنۡ تَعَلَّمَ عِلۡمًا مِمَّا يُبۡتَغَى بِهِ وَجۡهُ اللهِ لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنۡيَا لَمۡ يَجِدۡ عَرۡفَ الۡجَنَّةِ يَوۡمَ الۡقِيَامَةِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ رَحِمَهُ اللهُ بِإِسۡنَادٍ جَيِّدٍ.
وَهٰذَا وَعِيدٌ عَظِيمٌ لِمَنۡ سَاءَتۡ نِيَّتُهُ. وَرُوِيَ عَنۡهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (مَنۡ تَعَلَّمَ الۡعِلۡمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الۡعُلَمَاءَ أَوۡ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوۡ لِيُصَرِّفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيۡهِ فَالنَّارُ النَّارُ).
وَتَعَلُّمُ الۡعِلۡمِ يَكُونُ بِمَعۡرِفَتِهِ وَالۡعَمَلِ بِهِ للهِ لأَنَّ اللهَ أَمَرَ بِذٰلِكَ وَجَعَلَهُ وَسِيلَةً لِمَعۡرِفَةِ الۡحَقِّ، وَجَاءَ فِي الۡحَدِيثِ الصَّحِيحِ: (أَنَّ أَوَّلَ مَنۡ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ ثَلاَثَةٌ: مِنۡهُمُ الَّذِي طَلَبَ الۡعِلۡمَ وَقَرَأَ الۡقُرۡآنَ لِغَيۡرِ اللهِ لِيُقَالَ: هُوَ عَالِمٌ وَلِيُقَالَ لَهُ قَارِئٌ) وَلاَ حَوۡلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.
فَعَلَيۡكَ - يَاعَبۡدَ اللهِ - أَيُّهَا الطَّالِبُ لِلۡعِلۡمِ: عَلَيۡكَ بِإِخۡلاَصِ الۡعِبَادَةِ وَالنِّيَّةِ للهِ وَحۡدَهُ وَعَلَيۡكَ بِالۡجِدِّ وَالنَّشَاطِ فِي سُلُوكِ طُرُقِ الۡعِلۡمِ وَالصَّبۡرِ عَلَيۡهَا، ثُمَّ الۡعَمَلِ بِمُقۡتَضَى الۡعِلۡمِ فَإِنَّ الۡمَقۡصُودَ هُوَ الۡعَمَلُ وَلَيۡسَ الۡمَقۡصُودُ هُوَ أَنۡ تَكُونَ عَالِمًا أَوۡ تُعۡطَى شَهَادَةً رَاقِيَةً فِي الۡعِلۡمِ، فَإِنَّ الۡمَقۡصُودَ مِنۡ وَرَاءِ ذٰلِكَ كُلِّهِ هُوَ أَنۡ تَعۡمَلَ بِعِلۡمِكَ وَأَنۡ تُوَجِّهَ النَّاسَ إِلَى الۡخَيۡرِ وَأَنۡ تَكُونَ مِنۡ خُلَفَاءِ الرُّسُلِ عَلَيۡهِمُ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ فَي الدَّعۡوَةِ إِلَى الۡحَقِّ، وَقَدۡ قَالَ صلى الله عليه وسلم فِي الۡحَدِيثِ الصَّحِيحِ: (مَنۡ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيۡرًا يُفَقِّهۡهُ فِي الدِّينِ) مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
فَهٰذَا يَدُلُّ عَلَى فَضۡلِ الۡعِلۡمِ وَأَنَّهُ مِنۡ عَلاَمَاتِ الۡخَيۡرِ وَالسَّعَادَةِ وَمِنۡ عَلاَمَاتِ التَّوۡفِيقِ، وَأَنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِالۡعَبۡدِ خَيۡرًا أَنۡ يُفَقِّهَهُ فِي دِينِهِ وَأَنۡ يَتَبَصَّرَ فِي ذٰلِكَ حَتَّى يَعۡرِفَ الۡحَقِّ مِنَ الۡبَاطِلِ وَالۡهُدَى مِنَ الضَّلاَلِ وَحَتَّى يَعۡرِفَ رَبَّهُ بِأَسۡمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَعَظِيمِ حَقِّهِ وَحَتَّى يَعۡرِفَ النِّهَايَةَ لأَوۡلِيَاءِ اللهِ وَلأَعۡدَائِهِ.
فَالنِّهَايَةُ لأَوۡلِيَاءِ اللهِ الۡجَنَّةُ وَالسَّعَادَةُ بِجِوَارِ الرَّبِّ الۡكَرِيمِ وَالنَّظَرُ إِلَى وَجۡهِهِ -سُبۡحَانَهُ وَتَعَالَى- فِي دَارِ الۡكَرَامَةِ.
وَالنِّهَايَةُ لأَعۡدَاءِ اللهِ دَارُ النَّكَالِ وَالۡعَذَابِ وَالۡهَوَانِ وَالۡحِجَابُ عَنِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ.
وَبِهٰذَا نَعۡلَمُ عِظَمَ الۡعِلۡمِ وَشَرَفَهُ وَأَنَّهُ أَفۡضَلُ شَيۡءٍ وَأَشۡرَفُهُ لِمَنۡ أَصۡلَحَ اللهُ نِيَّتَهُ لأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى مَعۡرِفَةِ أَفۡضَلِ وَاجِبٍ وَأَعۡظَمِ وَاجِبٍ وَهُوَ تَوۡحِيدُ اللهِ وَالإِخۡلاَصُ لَهُ. وَيُتَوَصَّلُ بِهِ -أَيۡضًا- إِلَى مَعۡرِفَةِ أَحۡكَامِ اللهِ وَمَا أَوۡجَبَ عَلَى عِبَادِهِ، فَهُوَ وَاجِبٌ عَظِيمٌ يُوَصِّلُ إِلَى أَدَاءِ وَاجِبَاتٍ عَظِيمَةٍ، لاَ سَعَادَةَ لِلۡعِبَادِ وَلاَ نَجَاةَ لَهُمۡ إِلاَّ بِاللهِ ثُمَّ بِالۡعِلۡمِ بِهَا وَالتَّمَسُّكِ بِهَا وَالإِسۡتِقَامَةِ عَلَيۡهَا.
وَالۡعُلَمَاءُ الَّذِينَ أَظۡهَرُوا الۡعِلۡمَ هُمۡ خِيرَةُ النَّاسِ وَأَفۡضَلُهُمۡ عَلَى وَجۡهِ الأَرۡضِ وَعَلَى رَأۡسِهِمۡ أَئِمَّتُهُمُ الرُّسُلُ عَلَيۡهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وَالأَنۡبِيَاءُ، فَهُمُ الۡقُدۡوَةُ وَهُمُ الأَسَاسُ فِي الدَّعۡوَةِ وَالۡعِلۡمِ وَالۡفَضۡلِ وَيَلِيهِمۡ أَهۡلُ الۡعِلۡمِ عَلَى طَبَقَاتٍ: فَكُلُّ مَنۡ كَانَ أَعۡلَمُ بِاللهِ وَبِأَسۡمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَكۡمَلُ فِي الۡعَمَلِ وَالدَّعۡوَةِ، كَانَ أَقۡرَبُ النَّاسِ مِنَ الرُّسُلِ وَمِنۡ دَرَجَاتِهِمۡ وَمَنَازِلِهِمۡ فِي الۡجَنَّةِ. فَأَهۡلُ الۡعِلۡمِ هُمۡ أَئِمَّةُ هٰذِهِ الأَرۡضِ وَنُورُهَا وَسِرَجُهَا وَهُمۡ أَوۡلَى بِهَا مِنۡ غَيۡرِهِمۡ يُرۡشِدُونَ النَّاسَ إِلَى طَرِيقِ السَّعَادَةِ وَيَهۡدُونَهُمۡ إِلَى أَسۡبَابِ النَّجَاةِ وَيَقُودُونَهُمۡ إِلَى مَا فِيهِ رِضَا اللهِ - جَلَّ وَعَلاَ - وَالۡوُصُولِ إِلَى كَرَامَتِهِ وَالۡبُعۡدِ عَنۡ أَسۡبَابِ غَضَبِهِ وَعَذَابِهِ.
فَالۡعُلَمَاءُ هُمۡ وَرَثَةُ الأَنۡبِيَاءِ وَهُمۡ أَئِمَّةُ النَّاسِ بَعۡدَ الأَنۡبِيَاءِ يَهۡدُونَ إِلَى اللهِ وَيُرۡشِدُونَ إِلَيۡهِ وَيُعَلِّمُونَ النَّاسَ دِينَهُمۡ، فَأَخۡلاَقُهُمۡ عَظِيمَةٌ وَصِفَاتُهُمۡ حَمِيدَةٌ، عُلَمَاءُ الۡحَقِّ، عُلَمَاءُ الۡهُدَى، خُلَفَاءُ الرُّسُلِ، الَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ اللهَ وَيُرَاقِبُونَهُ وَيُعَظِّمُونَ أَمۡرَهُ وَنَهۡيَهُ وَهُوَ مِنۡ تَعۡظِيمِهِ - سُبۡحَانَهُ.
هَؤُلاَءِ أَخۡلاَقُهُمۡ أَرۡفَعُ الأَخۡلاَقِ وَأَسۡمَاهَا لأَنَّهُمۡ سَلَكُوا مَسۡلَكَ الرُّسُلِ وَسَارُوا عَلَى نَهۡجِهِمۡ وَطَرِيقِهِمۡ فِي الدَّعۡوَةِ إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ وَالتَّحۡذِيرِ مِنۡ أَسۡبَابِ غَضَبِهِ وَالمُسَارَعَةِ إِلَى مَاعَرَفُوا مِنَ الۡخَيۡرِ قَوۡلاً وَعَمَلاً وَالإِبۡتِعَادِ عَمَّا عَرَفُوا مِنَ الشَّرِّ قَوۡلاً وَعَمَلاً، فَهُمُ الۡقُدۡوَةُ وَالأُسۡوَةُ بَعۡدَ الأَنۡبِيَاءِ فَي أَخۡلاَقِهِمُ الۡعَظِيمَةِ وَصِفَاتِهِمُ الۡحَمِيدَةِ وَأَعۡمَالِهِمُ الۡجَلِيلَةِ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ وَيَعۡمَلُونَ وَيُوَجِّهُونَ طَلاَبَهُمۡ إِلَى أَسۡمَى الأَخۡلاَقِ وَخَيۡرِ السُّبُلِ.
وَسَبَقَ أَنَّ الۡعِلۡمَ هُوَ مَا قَالَ اللهُ وَقَالَ رَسُولُهُ، هٰذَا هُوَ الۡعِلۡمُ الشَّرۡعِيُّ، هُوَ الۡعِلۡمُ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا يُعِينُ عَلَى ذٰلِكَ. فَالۡوَاحِبُ عَلَى أَهۡلِ الۡعِلۡمِ أَنۡ يَتَمَسَّكُوا بِهٰذَا الأَسَاسِ الۡعَظِيمِ وَأَنۡ يَدۡعُوا النَّاسَ إِلَيۡهِ وَأَنۡ يُوَجِّهُوا طُلاَّبَهُمۡ إِلَيۡهِ وَأَنۡ يَكُونَ الهَدَفُ دَائِمًا الۡعِلۡمَ بِمَا قَالَ اللهُ وَقَالَ رَسُولُهُ وَالۡعَمَلَ بِذٰلِكَ وَتَوۡجِيهَ النَّاسِ وَإِرۡشَادَهُمۡ إِلَى ذٰلِكَ.
وَلاَ يَجُوزُ التَّفَرُّقُ وَالإِخۡتِلاَفُ وَلاَ الدَّعۡوَةُ إِلَى حِزۡبِ فُلاَنٍ وَحِزۡبِ فُلاَنٍ وَرَأۡيِ فُلاَنٍ وَقَوۡلِ عَلاَّنٍ. وَإِنَّمَا الۡوَاجِبُ أَنۡ تَكُونَ الدَّعۡوَةُ وَاحِدَةً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، لاَ إِلَى مَذۡهَبِ فُلاَنٍ أَوۡ دَعۡوَةِ عَلاَّنٍ وَلاَ إِلَى الۡحِزۡبِ الۡفُلاَنِيِّ وَالرَّأۡيِ الۡفُلاَنِيِّ. يَجِبُ عَلَى المُسۡلِمِينَ أَنۡ تَكُونَ طَرِيقَتُهُمۡ وَاحِدَةً وَهَدَفُهُمۡ وَاحِدًا وَهُوَ إِتِّبَاعُ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ عَلَيۡهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.
وَأَمَّا مَا جَرَى مِنَ الإِخۡتِلاَفِ بَيۡنَ أَهۡلِ الۡعِلۡمِ فِي الۡمَذَاهِبِ الأَرۡبَعَةِ وَغَيۡرِهَا فَالۡوَاجِبُ أَنۡ يُؤۡخَذَ مِنۡهُ مَا هُوَ أَقۡرَبُ إِلَى الصَّوَابِ وَهُوَ الۡقَوۡلُ الَّذِي هُوَ أَقۡرَبُ إِلَى مَا قَالَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ نَصًّا أَوۡ بِمُقۡتَضَى قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ.
فَإِنَّ الأَئِمَّةَ الۡمُجۡتَهِدِينَ إِنَّمَا هَدَفُهُمۡ ذٰلِكَ، وَقَبۡلَهُمۡ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنۡهُمۡ وَأَرۡضَاهُمۡ - وَهُمُ الأَئِمَّةُ بَعۡدَ الرَسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَهُمۡ أَعۡلَمُ النَّاسِ بِاللهِ وَأَفۡضَلُهُمۡ وَأَكۡمَلُهُمۡ عِلۡمًا وَخُلُقًا. فَقَدۡ كَانُوا يَخۡتَلِفُونَ فِي بَعۡضِ الۡمَسَائِلِ وَلَكِنۡ دَعۡوَتُهُمۡ وَاحِدَةٌ وَطَرِيقُهُمۡ وَاحِدٌ. يَدۡعُونَ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَهٰكَذَا مَنۡ بَعۡدَهُمۡ مِنَ التَّابِعِينَ وَأَتۡبَاعِ التَّابِعِينَ: كَالإِمَامِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحۡمَدَ وَغَيۡرِهِمِ مِنۡ أَئِمَّةِ الۡهُدَى: كَالأَوۡزَاعِي وَالثَّوۡرِي وَابۡنِ عُيَيۡنَةَ وَإِسۡحَاقَ بۡنِ رَاهُويَه وَأَشۡبَاهِهِمۡ مِنۡ أَهۡلِ الۡعِلۡمِ وَالإِيمَانِ، دَعۡوَتُهُمۡ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الدَّعۡوَةُ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانُوا يَنۡهَوۡنَ أَتۡبَاعَهُمۡ عَنۡ تَقۡلِيدِهِمۡ وَيَقُولُونَ: خُذُوا مِنۡ حَيۡثُ أَخَذۡنَا. يَعۡنُونَ مِنَ الۡكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَمَنۡ جَهِلَ الۡحَقَّ وَجَبَ عَلَيۡهِ أَنۡ يَسۡأَلَ أَهۡلَ الۡعِلۡمِ الۡمَعۡرُوفِينَ بِالۡعِلۡمِ وَالۡفَضۡلِ وَحُسۡنِ الۡعَقِيدَةِ وَالسِّيرَةِ وَيَتَبَصَّرَ فِي ذٰلِكَ مَعَ تَقۡدِيرِ الۡعُلَمَاءِ وَمَعۡرِفَةِ فَضۡلِهِمۡ وَالدُّعَاءِ لَهُمۡ بِمَزِيدٍ مِنَ التَّوۡفِيقِ وَعَظِيمِ الأَجۡرِ لأَنَّهُمۡ سَبَقُوا إِلَى الۡخَيۡرِ الۡعَظِيمِ وَعَلَّمُوا وَأَرۡشَدُوا وَأَوۡضَحُوا الطَّرِيقَ - فَرَحۡمَةُ اللهِ عَلَيۡهِمۡ - فَلَهُمۡ فَضۡلُ السَّبۡقِ وَفَضۡلُ عِلۡمِهِمۡ وَدَعۡوَتِهِمۡ إِلَى اللهِ: مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنۡ بَعۡدَهُمۡ مِنۡ أَهۡلِ الۡعِلۡمِ وَالإِيمَانِ. فَيُعۡرَفُ لَهُمۡ قَدۡرُهُمۡ وَفَضۡلُهُمۡ وَيَتَرَحَّمُ عَلَيۡهِمۡ وَيَتَأَسَّى بِهِمۡ فِي النَّشَاطِ فِي الۡعِلۡمِ وَالدَّعۡوَةِ إِلَى اللهِ وَتَقۡدِيمِ مَا قَالَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ عَلَى غَيۡرِهِ وَالصَّبۡرِ عَلَى ذٰلِكَ وَالۡمُسَارَعَةِ إِلَى الۡعَمَلِ الصَّالِحِ وَيَتَأَسَّى بِهِمۡ فِي هٰذِهِ الۡفَضَائِلِ الۡعَظِيمَةِ وَيَتَرَحَّمُ عَلَيۡهِمۡ وَلَكِنۡ لاَ يَجُوزُ أَبَدًا أَنۡ يَتَعَصَّبَ لِوَاحِدٍ مِنۡهُمۡ مُطۡلَقًا، وَأَنۡ يُقَالَ: قَوۡلُهُ هُوَ الصَّوَابُ مُطۡلَقًا. بَلۡ يُقَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ قَدۡ يُخۡطِئُ وَيُصِيبُ. وَالصَّوَابُ فِيمَا وَافَقَ مَا قَالَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا دَلَّ عَلَيۡهِ شَرۡعُ اللهِ مِنۡ طَرِيقِ الۡكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجۡمَاعِ أَهۡلِ الۡعِلۡمِ، فَإِذَا اخۡتَلَفُوا وَجَبَ الرَّدُّ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ كَمَا قَالَ - سُبۡحَانَهُ وَتَعَالَى -: (فَإِن تَنَـٰزَعۡتُمۡ فِى شَىۡءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ) النساء: ٥٩، وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَىۡءٍ فَحُكۡمُهُ إِلَى ٱللَّهِ) الشورى: ١٠، وَهٰكَذَا قَالَ أَهۡلُ الۡعِلۡمِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا.
وَلاَ يَجُوزُ أَبَدًا التَّعَصُّبُ لِزَيۡدٍ أَوۡ عَمۡرٍو وَلاَ لِرَأۡيِ فُلاَنٍ أَوۡ عَلاَّنٍ وَلاَ لِحِزۡبِ فُلاَنٍ أَوۡ الطَّرِيقَةِ الۡفُلاَنِيَّةِ أَوِ الۡجَمَاعَةِ الۡفُلاَنِيَّةِ كُلُّ هٰذَا مِنَ الأَخۡطَاءِ الۡجَدِيدَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.
فَيَجِبُ أَنۡ يَكُونَ الۡمُسۡلِمُونَ هَدَفُهُمۡ وَاحِدًا وَهُوَ إِتِّبَاعُ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَمِيعِ الأَحۡوَالِ فِي السِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ فِي الۡعُسۡرِ وَالۡيُسۡرِ فِي السَّفَرِ وَالإِقَامَةِ وَفِي جَمِيعِ الأَحۡوَالِ وَعِنۡدَ إِخۡتِلاَفِ أَهۡلِ الۡعِلۡمِ يُنۡظَرُ فِي أَقۡوَالِهِمۡ وَيُؤَيَّدُ مِنۡهَا مَا وَافَقَ الدَّلِيلَ مِنۡ دُونِ تَعَصُّبٍ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ.
أَمَّا الۡعَامَّةُ وَأَشۡبَاهُ الۡعَامَّةِ فَيَسۡأَلُونَ أَهۡلَ الۡعِلۡمِ وَيَتَحَرَّوۡنَ فِي أَهۡلِ الۡعِلۡمِ مَنۡ هُوَ أَقۡرَبُ إِلَى الۡخَيۡرِ وَأَقۡرَبُ إِلَى السَّدَادِ وَالإِسۡتِقَامَةِ. يَسۡأَلُونَهُ عَنۡ شَرۡعِ اللهِ وَهُوَ يُعَلِّمُهُمۡ بِذٰلِكَ وَيُرۡشِدُهُمۡ إِلَى الۡحَقِّ. حَسۡبُ مَا جَاءَ فِي الۡكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَجۡمَعَ عَلَيۡهِ أَهۡلُ الۡعِلۡمِ.
وَالۡعَالِمُ يُعۡرَفُ بِصَبۡرِهِ وَتَقۡوَاهُ للهِ وَخَشۡيَتِهِ لَهُ - سُبۡحَانَهُ وَتَعَالَى - وَمُسَارَعَتِهِ إِلَى مَا أَوۡجَبَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَابۡتِعَادِهِ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ.
هٰكَذَا يَكُونُ الۡعَالِمُ سَوَاءً كَانَ مُدَرِّسًا أَوۡ قَاضِيًا أَوۡ دَاعِيًا إِلَى اللهِ أَوۡ فِي أَيِّ عَمَلٍ، فَوَاجِبُهُ أَنۡ يَكُونَ قُدۡوَةً فِي الۡخَيۡرِ وَأَنۡ يَكُونَ أُسۡوَةً فِي الصَّالِحَاتِ يَعۡمَلَ بِعِلۡمِهِ وَيَتَّقِيَ اللهَ أَيۡنَمَا كَانَ وَيُرۡشِدَ النَّاسَ إِلَى الۡخَيۡرِ حَتَّى يَكُونَ قُدۡوَةً صَالِحَةً لِطُلاَبِهِ وَلأَهۡلِ بَيۡتِهِ وَلِجِيرَانِهِ وَلِغَيۡرِهِمۡ مِمَّنۡ عَرَفَهُ، يَتَأَسُّونَ بِهِ: بِأَقۡوَالِهِ وَأَعۡمَالِهِ الۡمُوَافَقَةِ لِشَرۡعِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَعَلَى طَالِبِ الۡعِلۡمِ أَنۡ يَحۡذَرَ غَايَةَ الۡحَذۡرِ مِنَ التَّسَاهُلِ فَيمَا أَوۡجَبَ اللهُ أَوِ الۡوُقُوعِ فِيمَا حَرَّمَ اللهُ فَإِنَّهُ يُتَأَسَّى بِهِ فِي ذٰلِكَ، فَإِذَا تَسَاهَلَ تَسَاهَلَ غَيۡرَهُ، وَهٰكَذَا فِي السُّنَّةِ وَالۡمَكۡرُوهَاتِ، يَنۡبَغِي لَهُ أَنۡ يَحۡرِصَ عَلَى تَحَرِّي السُّنَنِ وَإِنۡ كَانَتۡ غَيۡرَ وَاجِبَةٍ لِيَعۡتَادَهَا وَلِيَتَأَسَّى النَّاسُ بِهِ فِيهَا، وَأَنۡ يَبۡتَعِدَ عَنِ الۡمَكۡرُوهَاتِ وَالۡمُتَشَبِّهَاتِ حَتَّى لاَ يَتَأَسَّى بِهِ النَّاسُ فِيهَا.
فَطَالِبُ الۡعِلۡمِ لَهُ شَأۡنٌ عَظِيمٌ وَأَهۡلُ الۡعِلۡمِ هُمُ الۡخُلاَصَةُ فِي هٰذَا الۡوُجُودِ، فَعَلَيۡهِمۡ مِنَ الۡوَاجِبَابِ وَالرِّعَايَةِ مَالَيۡسَ عَلَى غَيۡرِهِمۡ، يَقُولُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمۡ رَاعٍ وَكُلُّكُمۡ مَسۡئُولٌ عَنۡ رَعِيَّتِهِ).
فَأَهۡلُ الۡعِلۡمِ رُعَاةٌ وَهُدَاةٌ، فَعَلَيۡهِمۡ أَنۡ يَعۡنُوا بِرَعِيَّتِهِمۡ، الشُّعُوبُ رَعِيَّةٌ لَهُمۡ، فَعَلَيۡهِمۡ أَنۡ يَعۡنُوا بِهٰذِهِ الرَّعِيَّةِ وَأَنۡ يَخَفُوا اللهَ فِيهَا وَأَنۡ يُرۡشِدُوهَا إِلَى أَسۡبَابِ النَّجَاةِ وَيُحَذِّرُوهَا مِنۡ أَسۡبَابِ الۡهَلاَكِ وَأَنۡ يُغۡرِسُوا فِيمَا بَيۡنَهُمۡ حُبَّ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالإِسۡتِقَامَةَ عَلَى دِينِ اللهِ وَالشَّوۡقَ إِلَى اللهِ وَإِلَى جَنَّتِهِ وَكَرَامَتِهِ وَالۡحَذَرَ مِنَ النَّارِ. فَالنَّارُ بِئۡسَ الۡمَصِيرُ. يَجِبُ الۡحَذَرُ مِنۡهَا وَالتَّحۡذِيرُ مِنۡهَا، وَأَوۡلَى النَّاسِ بِهٰذَا الأَمۡرِ هُمُ الۡعُلَمَاءُ وَطُلاَّبُ الۡعِلۡمِ.
هٰكَذَا يَكُونُ حَالُهُمۡ أَبَدًا وَهٰكَذَا تَكُونُ أَخۡلاَقُهُمۡ أَبَدًا، مُسَارَعَةً إِلَى مَرۡضَاة اللهِ وَابۡتِعَادًا عَنۡ مَعَاصِي اللهِ وَدَعۡوَةً إِلَى اللهِ وَإِرۡشَادًا إِلَيۡهِ وَوُقُوفًا عِنۡدَ حُدُودِهِ وَأَخۡذًا بِالأَحۡوَطِ دَائِمًا وَبُعۡدًا عَمَّا حَرَّمَ اللهُ وَعَمَّا كَرِهَهُ اللهُ حَتَّى يَتَأَسَّى بِهِمۡ إِخۡوَانُهُمۡ مِنَ الۡمُؤۡمِنِينَ وَحَتَّى يَتَأَثَّرَ بِهِمُ الۡمُسۡلِمُونَ أَيۡنَمَا كَانُوا.
وَأَسۡأَلُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - بِأَسۡمَائِهِ الۡحُسۡنَى وَصِفَاتِهِ الۡعُلَى أَنۡ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُمۡ إِلَى مَا يُرۡضِيهِ وَأَنۡ يُصۡلِحَ قُلُوبَنَا وَأَعۡمَالَنَا جَمِيعًا وَأَنۡ يَجۡعَلَنَا وَإِيَّاكُمۡ هُدَاةً مُهۡتَدِينَ وَصَالِحِينَ مُصۡلِحِينَ، كَمَا أَسۡأَلُهُ - سُبۡحَانَهُ - أَنۡ يَنۡصُرَ دَينَهُ وَيُعۡلِيَ كَلِمَتَهُ وَيُوَفِّقَ وُلاَةَ أَمۡرِ الۡمُسۡلِمِينَ لِكُلِّ مَا فِيهِ رِضَاهُ وَصَلاَحُ الۡعِبَادِ وَالۡبِلاَدِ وَأَنۡ يُصۡلِحَ لَهُمُ الۡبِطَانَةَ وَأَنۡ يَمُنَّ عَلَيۡهِمۡ بِتَحۡكِيمِ شَرِيعَةِ اللهِ بَيۡنَ عِبَادِهِ وَالتَّحَاكُمِ إِلَيۡهَا وَنَبۡذِ مَا خَالَفَهَا.
أَمَّا الۡعُلُومُ الأُخۡرَى فَلَهَا شَأۡنٌ آخَرُ مِنۡ اسۡتِخۡرَاجِ الۡمَعَادِنِ وَشُئُونِ الزِّرَاعَةِ وَالۡفِلاَحَةِ وَسَائِرِ أَنۡوَاعِ الصَّنَاعَاتِ النَّافِعَةِ، وَقَدۡ يَجِبُ مِنۡهَا مَا يَحۡتَاجُهُ الۡمُسۡلِمُونَ وَيَكُونُ فَرۡضَ كِفَايَةٍ، وَلِوَلِيِّ الأَمۡرِ فِيهَا أَنۡ يَأۡمُرَ بِمَا يَحۡتَاجُهُ الۡمُسۡلِمُونَ وَيُسَاعِدَ أَهۡلَهَا فِي ذٰلِكَ أَيۡ بِمَا يُعِينُهُمۡ عَلَى نَفۡعِ الۡمُسۡلِمِينَ وَالإِعۡدَادِ لِعَدُوِّهِمۡ. وَعَلَى حَسَبِ نِيَّةِ الۡعَبۡدِ تَكُونُ أَعۡمَالُهُ: عِبَادَةً للهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مَتَى صَلُحَتۡ النِّيَّةُ وَخَلُصَتۡ للهِ، وَإِذَا فَعَلَهَا بِدُونِ نِيَّةٍ كَانَتۡ مِنَ الۡمُبَاحَاتِ: أَعۡنِي أَنۡوَاعَ الصَّنَاعَاتِ الۡمُبَاحَةِ وَاسۡتِخۡرَاجَ الۡمَعَادِنِ وَالزِّرَاعَةَ وَالۡفِلاَحَةَ وَغَيۡرَ ذٰلِكَ.
وَكُلُّهَا أُمُورٌ مَطۡلُوبَةٌ وَمَعَ صَلاَحِ النِّيَّةِ تَكُونُ عِبَادَةً وَمَعَ خُلُوِّهَا مِنۡ ذٰلِكَ تَكُونُ أُمُورًا مُبَاحَةً، وَقَدۡ تَكُونُ فَرۡضَ كِفَايَةٍ فِي بَعۡضِ الأَحۡيَانِ إِذَا دَعَتۡ الحَاجَةُ إِلَيۡهَا وَوَجَبَ عَلَى وَلِيِّ الأَمۡرِ أَنۡ يُلۡزِمَ بِذٰلِكَ مَنۡ هُوَ أَهۡلٌ لَهَا، فَهِيَ أُمُورٌ لَهَا شَأۡنُهَا وَلَهَا أَحۡوَالُهَا الدَّاعِيَةُ إِلَيۡهَا وَتَخۡتَلِفُ بِحَسَبِ النِّيَّةِ وَبِحَسَبِ الۡحَاجَةِ.
أَمَّا عِلۡمُ الشَّرۡعِ فَلاَ بُدَّ مِنۡهُ، وَاللهُ خَلَقَ الثَّقَلَيۡنِ لِيَعۡبُدُوهُ وَلِيَتَّقُوهُ وَلاَ سَبِيلَ إِلَى هٰذَا إِلاَّ بِعِلۡمِ الشَّرۡعِ، عِلۡمِ الۡكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَعَلَى طَلَبَةِ الۡعِلۡمِ التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ وَتَعَلُّمُ أَحۡكَامِ اللهِ وَالتَّبَصُّرُ فِي ذٰلِكَ وَمَعۡرِفَةُ الۡعَقِيدَةِ السَّلَفِيَّةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي سَارَ عَلَيۡهَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وَصَحَابَتُهُ - رَضِيَ اللهُ عَنۡهُمۡ - وَسَارَ عَلَيۡهَا أَتۡبَاعُهُمۡ بِإِحۡسَانٍ، وَهِيَ الإِيمَانُ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَالإِيمَانُ بِأَسۡمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ وَإِمۡرَارُهَا كَمَا جَاءَتۡ عَلَى الۡوَجۡهِ الَّذِي يَلِيقُ بِاللهِ - سُبۡحَانَهُ وَتَعَالَى - مِنۡ غَيۡرِ تَحۡرِيفٍ وَلاَ تَعۡطِيلٍ وَلاَ تَكۡيِيفٍ وَلاَ تَمۡثِيلٍ وَلاَ زِيَادَةٍ وَلاَ نُقۡصَانٍ.
هٰكَذَا دَرَجَ أَهۡلُ الۡعِلۡمِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي دَرَجَ عَلَيۡهَا الرُّسُلُ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيۡهِمۡ أَجۡمَعِينَ وَدَرَجَ عَلَيۡهَا أَصۡحَابُهُمۡ وَأَتۡبَاعُهُمۡ بِإِحۡسَانٍ.
فَنَسۡأَلُ اللهَ لِطَلَبَةِ الۡعِلۡمِ التَّوۡفِيقَ وَأَنۡ يُعِينَهُمۡ عَلَى كُلِّ مَافِيهِ رِضَاهُ وَأَنۡ يَهۡدِيَ بِهِمُ الۡعِبَادَ وَيُصۡلِحَ بِهِمُ الأَحۡوَالَ، إِنَّهُ - جَلَّ وَعَلاَ - عَلَى كُلِّ شَيۡءٍ قَدِيرٌ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ عَبۡدِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصۡحَابِهِ وَأَتۡبَاعِهِ بِإِحۡسَانٍ.
الرَّئِيسُ الۡعَامُ لإِدَارَاتِ الۡبُحُوثِ الۡعِلۡمِيَّةِ وَالإِفۡتَاءِ وَالدَّعۡوَةِ وَالإِرۡشَادِ
عَبۡدُ الۡعَزِيزِ بۡنُ عَبۡدِ اللهِ بۡنِ بَازٍ
Sepantasnya bagi penuntut ilmu agar dia mempergunakan seluruh jalan-jalan yang menyampaikan pada ilmu, dan agar dia berusaha keras berada di atas jalan itu dalam rangka mengharap wajah Rabbnya ‘azza wa jalla, menginginkan Allah dan negeri akhirat, menginginkan untuk memahami agamanya, dan berilmu tentangnya, menginginkan untuk mengenal hal-hal yang Allah wajibkan atasnya dan apa yang Allah haramkan atasnya, menginginkan mengenal Rabbnya di atas ilmu dan kejelasan kemudian dia beramal dengan ilmu itu. Dia menginginkan menyelamatkan manusia, dan menjadi penyeru kepada petunjuk dan penolong-penolong kebenaran, dan menjadi pembimbing kepada Allah di atas ilmu dan petunjuk. Maka dia pada saat itu berada pada kebaikan yang besar dengan niat yang baik ini, sehingga tidurnya termasuk jalan menuju surga, jika dia tidur untuk memperkuat menuntut ilmu dan menyelesaikan pelajaran sebagaimana mestinya, atau untuk memperkuat menghafal kitab ilmu, atau memperkuat safar untuk menuntut ilmu, maka tidurnya adalah ibadah. Dan gerak-geriknya yang lain dengan niat ini adalah ibadah. Berbeda dengan orang yang buruk niatnya, dia berada di atas bahaya yang besar. Telah datang hadits dari Nabi shallallahu ‘alaihi wa sallam, bahwasanya beliau bersabda, “Barangsiapa mempelajari suatu ilmu dari ilmu yang seharusnya dia harapkan dengannya wajah Allah, namun dia mempelajarinya untuk mendapatkan bagian dunia, dia tidak akan mendapati bau surga pada hari kiamat.” (HR. Abu Dawud rahimahullah dengan sanad yang jayyid). Ini adalah ancaman yang besar bagi orang yang buruk niatnya. Dan diriwayatkan dari beliau shallallahu ‘alaihi wa sallam, bahwa beliau bersabda, “Barangsiapa belajar ilmu untuk berbangga dengannya di depan ulama atau untuk mendebat orang-orang bodoh dengan ilmu itu, atau untuk memalingkan wajah-wajah manusia kepadanya dengan ilmu itu, maka neraka, neraka.”
Mempelajari ilmu itu dengan mengenalinya dan mengamalkannya untuk Allah, karena sesungguhnya Allah memerintahkan hal tersebut, dan menjadikannya sarana untuk mengenal kebenaran. Telah datang di dalam hadits yang shahih, “Sesungguhnya awal orang yang dinyalakan neraka untuk mereka ada tiga, di antara mereka adalah orang yang menuntut ilmu dan membaca Al Qur`an untuk selain Allah agar dikatakan dia adalah orang yang ‘alim dan agar dikatakan kepadanya dia adalah Qaari`.” Laa haula wa laa quwwata illa billah.
Maka wajib atasmu -wahai hamba-hamba Allah- para pencari ilmu, wajib atasmu untuk memurnikan ibadah dan niat untuk Allah semata, dan wajib atasmu untuk sungguh-sungguh dan rajin di dalam menempuh jalan-jalan ilmu dan sabar di atasnya, kemudian beramal dengan konsekuensi ilmu. Karena sesungguhnya yang dituju adalah amalan, dan bukan tujuan adalah agar engkau menjadi seorang ‘alim atau mendapat ijazah yang tinggi di dalam ilmu. Tujuan sesungguhnya di balik semua itu adalah agar engkau beramal dengan ilmumu, dan agar engkau dapat mengarahkan manusia kepada kebaikan, dan agar engkau menjadi pengganti-pengganti para Rasul ‘alaihimush sholaatu was salaam di dalam berdakwah kepada kebenaran. Sungguh Nabi shallallahu ‘alaihi wa sallam bersabda di dalam hadits yang shahih, “Barangsiapa yang Allah kehendaki kebaikan pada dirinya, Allah akan pahamkan dia di dalam agama.” (Disepakati keshahihannya).
Hadits ini menunjukkan atas keutamaan ilmu. Sesungguhnya ilmu itu termasuk tanda-tanda kebaikan dan kebahagiaan dan termasuk tanda-tanda taufiq. Sesungguhnya Allah jika menghendaki kebaikan pada seorang hamba, akan Allah pahamkan dia di dalam agamanya dan berilmu di dalam agamanya, sehingga dia mengenal kebenaran dari kebatilan, petunjuk dari kesesatan, dan hingga hamba itu mengenal Rabbnya dengan nama-namaNya, sifat-sifatNya, keagungan hakNya, dan hingga seorang hamba mengenal akhir bagi wali-wali Allah dan musuh-musuhNya.
Akhir bagi wali-wali Allah adalah surga dan kebahagiaan, bertetangga dengan Rabb yang mulia, memandang kepada wajahNya subhanahu wa ta’ala di negeri kemuliaan. Adapun akhir bagi musuh-musuh Allah adalah negeri siksa, adzab, dan kehinaan, dan terhalang dari Allah ‘azza wa jalla.
Dari hal tersebut, kita mengetahui keagungan dan kemuliaan ilmu. Sesungguhnya ilmu itu adalah hal yang paling utama dan paling mulia bagi yang Allah perbaiki niatnya. Karena ilmu itu menyampaikan untuk mengenali seutama-utama kewajiban dan kewajiban yang paling mulia, yaitu mentauhidkan Allah dan mengikhlaskan untukNya. Ilmu juga menyampaikan seseorang untuk mengenali hukum-hukum Allah, dan hal-hal yang Allah wajibkan kepada hamba-hambaNya. Jadi ilmu adalah kewajiban yang sangat agung yang mengantarkan seseorang untuk menunaikan kewajiban-kewajiban yang agung. Tidak ada kebahagiaan bagi hamba, dan tidak ada keselamatan bagi hamba, kecuali dengan Allah kemudian dengan berilmu tentang kewajiban-kewajiban tersebut, kemudian berpegang teguh dengannya, dan istiqamah di atasnya.
Para ulama yang menampakkan ilmu adalah manusia pilihan dan manusia yang paling utama di atas muka bumi. Pemimpin dan imam-imam mereka adalah para rasul ‘alaihimush sholaatu was salaam dan para nabi. Mereka itu adalah teladan, mereka adalah pondasi di dalam dakwah, ilmu, dan keutamaan. Orang yang berada di tingkatan setelah mereka adalah ulama sesuai tingkatannya. Setiap orang yang lebih berilmu tentang Allah, nama-namaNya, dan sifat-sifat dan lebih sempurna di dalam amal dan dakwah, maka dia adalah orang yang paling dekat dengan para rasul dan paling dekat dengan derajat dan kedudukan mereka di surga. Maka para ulama adalah imam di bumi ini, cahayanya, pelitanya. Mereka lebih berhak terhadap bumi ini daripada selain mereka, mereka membimbing manusia kepada jalan kebahagiaan, dan menunjuki mereka pada sebab-sebab keselamatan, dan memberi teladan pada perkara-perkara yang terdapat ridha Allah jalla wa ‘alaa, dan perkara yang menyampaikan kepada kemuliaanNya, dan perkara yang menjauhkan dari sebab-sebab kemurkaanNya dan adzabNya.
Para ulama adalah pewaris para nabi, mereka imam manusia setelah para nabi. Mereka menunjuki kepada Allah, membimbing kepadaNya, mengajari manusia agama mereka. Akhlak mereka sangat agung, sifat mereka sangat terpuji. Mereka adalah ulama kebenaran, ulama petunjuk, pengganti para rasul, mereka itu takut kepada Allah, merasa diawasi, mengagungkan perintah dan larangan Allah. Ini merupakan pengagungan kepada Allah subhanahu.
Akhlak mereka adalah akhlak yang paling tinggi, karena mereka telah menempuh jalan para rasul, berjalan di atas jalan dan metode mereka di dalam berdakwah kepada Allah di atas ilmu, dan memperingatkan dari sebab-sebab murkaNya, dan bersegera kepada apa yang mereka ketahui dari kebaikan baik ucapan maupun amalan, dan menjauh dari apa yang mereka ketahui dari kejelekan baik ucapan maupun amalan. Mereka adalah contoh dan teladan setelah para nabi di dalam akhlak mereka yang sangat mulia, sifat-sifat mereka yang sangat terpuji, amalan-amalan mereka yang agung. Mereka berilmu dan beramal, dan mereka mengarahkan murid-murid mereka kepada akhlak yang tinggi dan jalan yang terbaik.
Telah berlalu bahwasanya ilmu itu adalah firman Allah dan sabda rasulNya, inilah ilmu syar’i, yaitu berilmu terhadap kitab Allah dan sunnah rasulullah shallallahu ‘alaihi wa sallam dan hal-hal yang membantu kepada itu. Maka, wajib bagi para ulama untuk berpegang teguh dengan pondasi yang agung ini, dan agar menyeru manusia kepadanya, dan menghadapkan murid-murid mereka kepadanya, dan senantiasa menjadikan tujuannya adalah ilmu tentang firman Allah dan sabda rasulNya, kemudian beramal dengannya, dan mengarahkan manusia dan membimbing mereka pada hal tersebut.
Maka tidak boleh berpecah dan berselisih, tidak boleh berdakwah kepada golongan A, golongan B, atau pemikiran A atau ucapan B. Yang wajib menjadikan dakwah hanya satu, kepada Allah dan rasulNya, kepada kitabullah dan sunnah rasulNya shallallahu ‘alaihi wa sallam. Tidak kepada madzhab fulan atau dakwah ‘allan, tidak pula kepada golongan dan pemikiran fulan. Wajib atas kaum muslimin untuk menjadikan jalan mereka satu, tujuan satu, yaitu mengikuti kitabullah dan sunnah rasulNya ‘alaihish sholaatu was salaam.
Adapun yang telah terjadi berupa perselisihan antara ulama di dalam empat madzhab dan selainnya, maka yang wajib adalah mengambil darinya yang paling dekat dengan kebenaran. Yaitu ucapan yang paling dekat dengan firman Allah dan sabda rasulNya secara nash atau paling dekat dengan tuntutan kaidah-kaidah syar’i.
Sesungguhnya hanya itulah tujuan para imam mujtahid. Demikian pula sebelum mereka, para shahabat radhiyallahu ‘anhum dan semoga Allah membuat mereka ridha, mereka adalah para imam setelah rasul shallallahu ‘alaihi wa sallam. Mereka adalah manusia yang paling berilmu tentang Allah, manusia yang paling mulia, manusia yang paling sempurna ilmunya dan akhlaknya. Mereka dulu pernah berselisih dalam sebagian masalah, namun dakwah mereka satu, jalan mereka satu. Mereka menyeru kepada kitabullah dan sunnah rasul shallallahu ‘alaihi wa sallam. Demikian pula orang-orang setelah mereka dari kalangan tabi’in dan tabi’ut tabi’in, seperti Al Imam Malik, Abu Hanifah, Asy Syafi’i, Ahmad, dan selain mereka dari para imam-imam petunjuk, seperti Al Auza’i, Ats Tsauri, Ibnu ‘Uyainah, Ishaq bin Rahawaih, dan yang selevel dengan mereka dari ahli ilmu dan iman. Dakwah mereka satu yaitu dakwah kepada kitabullah dan sunnah rasul shallallahu ‘alaihi wa sallam. Mereka melarang pengikut mereka untuk taqlid (fanatik buta) kepada mereka. Mereka mengatakan, “Ambillah oleh kalian dari mana kami mengambil.” Yang mereka maksudkan adalah dari Al Kitab dan As Sunnah.
Barangsiapa yang bodoh dari kebenaran, wajib baginya agar bertanya pada ulama yang dikenal dengan ilmu dan keutamaan, dikenal baik aqidahnya dan riwayat hidupnya, dan berilmu dalam masalah itu. Bersamaan dengan itu menghormati ulama dan mengenal keutamaannya, dan mendoakan mereka tambahan taufiq dan pahala yang besar karena sesungguhnya mereka telah mendahului kepada kebaikan yang sangat agung, mereka mengajar dan membimbing dan menjelaskan jalan -semoga rahmat Allah bagi mereka-. Mereka memiliki keutamaan bersegera dalam kebaikan dan keutamaan ilmu mereka dan dakwah mereka kepada Allah dari kalangan shahabat dan setelah mereka dari ahlul ilmi dan iman. Mereka dikenal kedudukan dan keutamaannya. Seseorang hendaknya menyayangi mereka, mencontoh mereka pada sikap semangat di dalam ilmu dan dakwah kepada Allah, dan mendahulukan firman Allah dan sabda rasulNya di atas selainnya, dan bersabar di atas hal itu, dan bersegera kepada amal shalih. Juga mencontoh mereka di dalam keutamaan-keutamaan yang agung ini dan menyayangi mereka. Akan tetapi tidak boleh untuk fanatik kepada salah seorang dari mereka secara mutlak selama-lamanya, dan tidak boleh dikatakan, “Ucapannya adalah kebenaran mutlak.” Bahkan yang benar dikatakan, “Setiap orang kadang salah dan kadang benar.” Adapun kebenaran adalah yang mencocoki firman Allah dan sabda rasulNya, dan apa yang syari’at Allah tunjukkan dari jalan Al Kitab dan As Sunnah dan ijma’ para ulama. Jika para ulama berselisih, wajib mengembalikan kepada Allah dan rasulNya, sebagaimana firman Allah subhanahu wa ta’ala, “Maka jika kalian berselisih pada suatu perkara, kembalikanlah kepada Allah dan rasul.” (QS An Nisa: 59). Allah ‘azza wa jalla berfirman, “Dan apa-apa yang kalian perselisihkan dari suatu perkara, maka hukumnya kepada Allah.” (QS Asy Syuuraa: 10). Demikian pula ucapan para ulama baik dahulu maupun sekarang.
Tidak boleh selama-lamanya untuk fanatik kepada Zaid atau ‘Amr, tidak boleh fanatik kepada pemikiran A atau B, tidak pula kepada golongan fulan atau jalannya fulan, atau jama’ah fulan. Semua hal ini termasuk kesalahan-kesalahan di masa ini yang banyak manusia terjatuh padanya.
Maka wajib agar kaum muslimin itu tujuan mereka satu, yaitu mengikuti kitabullah dan sunnah RasulNya shallallahu ‘alaihi wa sallam di dalam segala perihal, baik dalam keadaan susah maupun lapang, sulit maupun mudah, ketika safar atau mukim, dalam semua keadaan. Ketika ada perselisihan ulama, maka dilihat pada ucapan-ucapan mereka, lalu dikuatkan ucapan yang mencocoki dalil dengan tanpa fanatik pada seseorang.
Adapun keumuman kaum muslimin dan yang semisal mereka, maka mereka bertanya kepada para ulama, lalu mereka memilih dari para ulama itu yang paling dekat kepada kebaikan dan lebih dekat kepada jalan yang lurus dan istiqamah. Mereka bertanya kepadanya tentang syariat Allah, kemudian ulama itu mengajari mereka hal itu dan membimbing mereka kepada kebenaran sesuai apa yang datang di dalam Al Kitab dan As Sunnah, dan ijma’ ulama.
Orang yang ‘alim dikenal dari kesabarannya, ketakwaannya kepada Allah, ketakutannya kepadaNya subhanahu wa ta’ala, bersegeranya kepada hal-hal yang Allah dan rasulNya wajibkan, dan menjauhi hal-hal yang Allah dan rasulNya haramkan.
Demikianlah seharusnya seorang ‘alim. Sama saja apakah dia seorang guru, seorang hakim, atau seorang da’i kepada Allah. Apapun pekerjaan dia, wajib baginya untuk menjadi teladan dalam kebaikan, menjadi contoh di dalam keshalihan, dia beramal dengan ilmunya, dan bertakwa kepada Allah di manapun berada. Membimbing manusia kepada kebaikan, sehingga menjadi teladan yang baik bagi murid-muridnya, bagi keluarganya, bagi tetangganya, dan bagi orang lain yang dia kenal. Mereka mencontohnya pada ucapan-ucapannya, perbuatan-perbuatannya yang mencocoki syariat Allah ‘azza wa jalla. Wajib bagi penuntut ilmu untuk sangat berhati-hati dari sikap meremehkan perkara-perkara yang Allah wajibkan atau melakukan perkara yang Allah haramkan. Karena sesungguhnya dia akan dicontoh dalam perkara itu. Jika penuntut ilmu meremehkan, maka orang lain ikut meremehkan. Demikian pula dalam hal-hal sunnah dan makruh. Sepantasnya bagi penuntut ilmu agar bersemangat untuk memilih perkara-perkara sunnah, meskipun hal itu tidak wajib, agar dia terbiasa dan agar manusia mencontohnya dalam perkara itu. Dan supaya dia menjauhi perkara-perkara yang makruh dan syubhat sehingga tidak dicontoh oleh manusia.
Penuntut ilmu mempunyai kedudukan yang agung, dan para ulama adalah inti dari keberadaan ini. Sehingga wajib atas mereka kewajiban-kewajiban dan penjagaan yang tidak dimiliki oleh selain mereka. Rasul shallallahu ‘alaihi wa sallam bersabda, “Setiap kalian adalah pemimpin dan setiap kalian akan ditanya tentang kepemimpinannya.”
Ulama adalah pemimpin dan penunjuk. Wajib bagi mereka untuk bersungguh-sungguh dengan kepemimpinan mereka. Manusia berada di bawah pengawasan mereka. Maka wajib bagi mereka untuk bersungguh-sungguh dengan pengawasan ini, dan agar mereka takut kepada Allah padanya, dan agar mereka membimbing kepada sebab-sebab keselamatan, dan memperingatkan dari sebab-sebab kebinasaan. Juga agar mereka menanamkan di antara mereka kecintaan kepada Allah dan rasulNya, dan istiqamah di atas agama Allah, rindu kepada Allah dan kepada surgaNya dan kemuliaanNya, dan berhati-hati dari neraka. Karena neraka itu adalah seburuk-buruk tempat kembali. Wajib berhati-hati darinya dan memperingatkan darinya. Dan orang yang paling berhak dengan perkara ini adalah para ulama dan penuntut ilmu.
Demikianlah keadaan mereka selama-lamanya. Demikian pula akhlak mereka selama-lamanya. Bersegera kepada keridhaan Allah, menjauhi maksiat kepada Allah, berdakwah kepada Allah, membimbing padanya, berhenti pada batasan-batasanNya, senantiasa melakukan perkara yang paling berhati-hati, jauh dari apa yang Allah haramkan dan benci, sehingga saudara-saudara mereka dari kalangan kaum mukminin mencontoh mereka dan kaum muslimin merasakan jasa mereka di mana mereka berada.
Aku meminta Allah ‘azza wa jalla dengan nama-namaNya yang indah dan sifat-sifatnya yang tinggi supaya Allah memberi taufik kepada kita dan kalian kepada hal-hal yang mendatangkan ridhaNya, dan agar Allah memperbaiki hati-hati kita dan amal-amal kita semua, dan agar menjadikan kita dan kalian pemberi petunjuk dan mendapatkan petunjuk, menjadi orang-orang shalih dan memperbaiki manusia. Sebagaimana aku juga memintaNya -subhanahu- agar Allah menolong agamaNya, meninggikan kalimatNya, memberi taufik para pemimpin muslimin pada perkara yang ada keridhaanNya dan kebaikan hamba dan negara, dan agar memperbaiki teman-teman dekat mereka, dan memberi karunia mereka agar memberi hukum dengan syari’at Allah di antara hamba-hambaNya dan berhukum kepadanya, dan meninggalkan hukum yang menyelisihnya.
Adapun ilmu-ilmu lainnya memiliki kedudukan lain seperti ilmu eksploitasi tambang, ilmu keperluan perkebunan dan pertanian, ilmu segala jenis manufaktur yang bermanfaat. Kadang di antaranya wajib jika dibutuhkan kaum muslimin, dan kadang bisa fardhu kifayah. Bagi wali amr hendaknya memerintahkan yang dibutuhkan kaum muslimin, membantu orang yang ahli di bidangnya dengan hal-hal yang bisa membantu memberi manfaat kepada muslimin dan mempersiapkan kekuatan dari musuh-musuh mereka. Sesuai dengan niat hamba, pekerjaannya bisa menjadi ibadah kepada Allah 'azza wa jalla selama niatnya baik dan ikhlas untuk Allah. Adapun jika dia melakukannya bukan karena niat itu, maka menjadi perkara mubah, yakni jenis-jenis manufaktur yang mubah, eksploitasi barang tambang, perkebunan, pertanian, dan selain itu.
Semua itu adalah perkara yang dituntut dan bila dibarengi dengan niat baik akan menjadi ibadah namun bila kosong dari niat baik itu akan menjadi perkara yang mubah. Terkadang juga menjadi fardhu kifayah pada sebagian keadaan, ketika ada kebutuhan untuk ilmu itu. Wajib bagi pemimpin untuk mengharuskan ilmu itu kepada orang yang ahli pada bidang itu. Maka ilmu tersebut adalah perkara yang mempunyai kedudukannya dan mempunyai keadaan-keadaan yang mendorong seseorang kepadanya, dan pendorong-pendorong itu berbeda sesuai niatnya dan sesuai kebutuhan.
Adapun ilmu syar’i maka sudah pasti dibutuhkan. Allah telah menciptakan dua makhluk jin dan manusia agar mereka menyembahNya dan bertakwa kepadaNya. Tidak ada jalan kepada hal ini kecuali dengan ilmu syar’i, ilmu Al Kitab dan As Sunnah sebagaimana telah dijelaskan. Sehingga wajib untuk penuntut ilmu agar memahami agama, belajar hukum-hukum Allah, berilmu tentangNya, dan mengenal akidah salaf yang benar yang rasul dan shahabatnya -radhiyallahu ‘anhum- telah berjalan di atasnya dan para pengikut mereka telah berjalan di atasnya. Akidah itu adalah beriman kepada Allah dan rasul-rasulNya, beriman dengan nama-nama dan sifat Allah dan membiarkan sebagaimana datangnya di atas sisi yang pantas untuk Allah subhanahu wa ta’ala, tanpa tahrif (merubah), tanpa ta’thil (meniadakan), tanpa takyif (menanyakan bagaimana), tanpa tamtsil (menyerupakan), dan tanpa penambahan dan pengurangan.
Demikianlah para ulama telah berjalan di atas jalan yang semua para rasul sholawaatullah wa salaamuhu ‘alaihim telah berjalan di atasnya. Begitu pula para sahabat dan yang mengikuti mereka dengan baik.
Maka kami meminta kepada Allah taufik bagi para penuntut ilmu, dan agar menolong mereka pada perkara yang Allah ridhai, dan agar Allah memberi petunjuk kepada hamba-hamba melalui mereka, dan agar Allah memperbaiki keadaan dengan mereka. Sesungguhnya Allah jalla wa alaa maha kuasa atas segala sesuatu. Shalawat Allah dan salam bagi nabi kita Muhammad, hamba Allah dan rasulNya, dan bagi keluarga beliau dan sahabat-sahabat beliau dan yang mengikuti beliau dengan baik.
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
Abdul ‘Aziz bin ‘Abdullah bin Baaz